بقلم: أ. أحــلام الريماني
مقدمة:
الزّعيم صاحب فكر ثاقب وثقافة عالية واطلاع واسع ورؤية استراتيجية، فهو قادر على شحذ الهمم والتّضحية والعمل في سبيل الوطن. لعلّ هذه الصّفات متجسّدة في شخصيّة فرحات حشّاد، فهذه الشّخصية لها أثر عميق لدى التونسييّن، لكنّها تؤجج في نفس الوقت شعورا بالألم، فهو لم يتمكنّ من إيصال رسالته و تجسيدها في واقع الشّعب، فقد اغتيل قبل تحقيق حلمه الذّي طالما ناضل من أجله وهو في أوج عطائه و نشاطه من أجل استقلال البلاد.
وُلد فرحات حشّاد في 02 فبراير 1914 واغتيل في 05 ديسمبر 1952م. هو أصيل مدينة قرقنة من ولاية صفاقس، قتل و هو لم يتجاوز الأربعين عامًا. زعيم سياسيّ و نقابيّ تونسيّ، لمع نجمه في سماء الفكر بعد تأسيسه للاتّحاد العامّ التّونسيّ للشّغل عام 1946م، واكتسب شعبيّة عارمة بين الطّبقة العاملة وكلّ مكوّنات المجتمع، وكان مناضلاً من أجل استقلال بلاده من الاستعمار الفرنسيّ، و كان أوّل كاتب عامّ للاتحاد العامّ للعمّال منذ إنشائه عام 1949م.
- العمل النقابي التونسي (جهوده – مواقفه – علاقاته)
لقد شاع خبر استشهاد حشّاد في العالم، في مختلف العواصم و البلدان في أوروبا وأمريكا و آسيا بفضل علاقته المتينة بزعماء العالم خاصّة منهم النقابيين الذّين التقاهم في المؤتمرات العالميّة، وحدثهم عن الحالة المترديّة للعمّال بتونس وحالة الشّعب المناضل في سبيل تحقيق حريتّه.
كان صدى موته قويّا في بلدان العالم خاصّة في بلدان المغرب العربي فقد “تحرّكت السواكن في البلدان الشّقيقة و العريقة، فأضرب العمّال بالمغرب عن العمل، و تظاهروا وسقط مئات القتلى والجرحى، وتوجهوا إلى الجبال فتكوّنت نواة بجيش تحرير المغرب وسرت العدوى، فاستيقظ الشّعور الوطني بالجزائر و إفريقيا بأكملها “[1].
لقد جسّد فرحات حشّاد شعبه في نضاله و تمثّل دوره في إرساء الحريّة والتّخلص من قيود الذّل والمهانة ، فقد تجاوب مع شعبه بكلّ مشاعره وفكره وأحسّ بما كان يعانيه من مصائبٍ وقهر واستبداد. واَمن حشّاد شديد الإيمان بما يتحلّى به شعبه من مزايا وصفات تبعث على الإعجاب، يقول في مقالة له مشهورة منشورة بجريدة الحريّة في 26 نوفمبر 1951، نشرها قبل عام من استشهاده تحت عنوان “أحبّك يا شعب” وهي تحثّ على الوحدة و التكتّل للتخلّص من الاستعمار وتتفجر بمشاعر الإخلاص والحبّ للشّعب والاعتقاد الرّاسخ بأنّ هذا الشّعب سينتصر بوحدته وتضامنه بكلّ فئاته وأفراده ونعتبر هذه المقالة “أحبّك يا شعب” صنو قصيدة إرادة الحياة لأبي القاسم الشّابي، يقول حشّاد مخاطبا شعبه “بتضحيتك عبدتُ طريق النّصر ، وبمثابرتك خذلت العدّو و صيرته فاقد الرّشد والصواب لا يدري أين المصير”[2]. هكذا عبّر حشّاد عن حالة المستعمر وقد فقد رشده، و بات لا يدري ما يفعل وجنّ جنونه وقام بانتهاكات كبيرة و جرائم فضيعة بالوطن القبلي شهّر بها حشّاد في تقاريره للمنظّمات النقابيّة العالميّة .
إنّ شخصيّة فرحات حشّاد شخصيّة لامعة في عصره وقد تجاوزت الإطار الوطنيّ[3]. و كان دائم الحضور في الصحافة الوطنيّة بمقالاته باللّغة العربيّة واللّغة الفرنسيّة بجرائد “النّهضة” وغيرها، و يغلب على هذه المقالات الطّابع النقابيّ لكن في جوهرها طابع سياسيّ. يقول مثلاً في مقال بجريدة “الحريّة” “الاستعمار يعمد في الميدان السّياسي إلى القوّة المسلّحة لفرض إرادته ويعمد أيضًا إلى الزور و الخداع ليظهر للعالم حسن نيّته”[4].
إنّ من يقرأ هذه المقالات يدرك مدى أهميّة هذا الرجل و فطنته، وثقافته النّقابيّة والسياسيّة، و مدى مساهمته في بعث القيم النّبيلة، ومدى إدراكه لوضع تونس المنهار في العهد الاستعماريّ، و مدى قدرته على تصوير النّظام الاستبدادي في تونس في أبشع صورة من “تفوّق عنصريّ و ضغط على الحريّات وهضم للحقوق و فرض إرادة القويّ على الضّعيف” (الحريّة 6 مارس 1950) [5]، و يمكن اعتبار هذه المقالات من جنس كتاب “تونس الشّهيدة” للشيّخ عبد العزيز الثّعالبي.
لقد شنّ حشّاد حربا على الاستعمار والمستعمرين في تونس بمقالاته و رسائله و تقاريره التّي كان يرسلها إلى رجال السّياسة والنقابات في العالم عن السّياسة الاستعماريّة في البلاد التونسيّة، وكيف كان الشّعب التونسيّ يواجهها و يتحداها.
لقد كوّن حشّاد منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية الاتّحاد العام التونسيّ للشغل في 20جانفي 1946 ونظّم مؤتمره التأسيسي في قاعة الخلدونيّة وانتخب أمينًا عامّا له يقول محمّد الحبيب المولهي”[6] في مذكراته “الوطن و الصمود”: “إنّ الشيّخ العلامة فاضل ابن عاشور رحمه اللّه كان أوّل من ترأس الاتحاد العام التّونسي للشّغل وبصفته هذه توّلى قيادة أوّل استعراض لهذا الاتّحاد عام 1946 بمناسبة الاحتفال بعيد الشّغل يوم غرّة مايو، إثر ذلك اختار الحزب فرحات حشّاد ليحلّ محلّ الشيّخ الفاضل ومدى بعده عن مشاغل القضايا النقابيّة اليوميّة و معتركها، وتكرر نفس الشّيء عندما اغتيل فرحات حشّاد، ووقع التّفكير في الأستاذ محمود المسعدي ليخلفه ، واستقر الرّأي آخر الأمر على تعيين أحمد بن صالح، و لقد اتّضح فيما بعد أنّ اختيار أحمد بن صالح كان اختيارًا خاطئا لأنّ الرّجل كان متأثرًا بأفكار اشتراكيّة متطرّفة مستوردة وتعتمد في فلسفتها على حرب الطبقات وصراعها”.
وانخرط حشّاد سنة 1948 في المنظمة النقابيّة العالميّة، ثّم انسلخ منها وانخرط في ديسمبر1950 بالجامعة العالميّة للنقابات الحرّة، فكان يحضر مؤتمراتها ويفضح فيها سياسة فرنسا الاستعماريّة وحالة المزرية بتونس . وحضر في سبتمبر1951 مؤتمر النّقابات الأمريكية بسان فرانسيسكو وألقى فيها خطابا والتقى في مؤتمرات نقابيّة بأوروبا في عديد العواصم بالزّعماء النّقابيين العالميين، و عرّف فيها بالقضيّة التونسيّة وبجهاد شعبها ضدّ الاستعمار و الاستبداد و الاستغلال للثروات الوطنيّة و امتهان جهد العمّال.
وكان حشّاد يتكلّم أحيانا باسم بلدان المغرب العربي، يقول مثلا في أحد خطبه “إنّي أردت أن أسمح لنفسي بأن أضع بين يدي مكتب الاتّحاد مذكرة قد شرحت فيها بكلّ تفصيل الحالة الحاضرة في أجزاء شمال إفريقيا الثلاثة”.[7]. وكانت سنة1952 السنة الحاسمة للقضية التونسيّة، فقد تقرّر فيها الكفاح المسلّح بكلّ الطّرق و كلّ الوسائل في كلّ مكان بالبلاد التونسيّة، و توزعت الأدوار بالشّمال و الجنوب بالمدن و القرى و الجبال، واتّخذ قرار الكفاح المسلّح و تنظيمه بسبب انسداد الأفق أمام البلاد التونسيّة، وبسبب عدم اعتراف فرنسا بالسيادة التونسيّة والتمادي في سياسة القضاء على هويّة تونس واستغلال خيراتها والقضاء على مستقبل شعبها في الحريّة و الاستقلال.
وتصاعدت عمليّات المقاومة المسلّحة مع تفاقم أعمال تخريب خطوط التلغراف والجسور وسكك الحديد واشتعال الحرائق، ولنا إحصائيات دقيقة لهذه العمليّات في الكتاب الأبيض و كذلك عن عدد الشهداء و الجرحى من المناضلين و المواطنين[8]. وقررت فرنسا مواجهة الوضع بتونس بالضرب بقوّة، فعينت الجنرال” دي هوت كلوك “[9] مقيما عاما بتونس و أقبل في باخرة حربيّة من ميناء بنزرت لإرهاب الشّعب، ووصل إلى تونس في 13 جانفي 1952، وسلّمت إدارة الشّرطة للجنرال قرباي، وأوّل ما بادر به دي هوت كلوك اعتقال زعماء الحركة الوطنيّة وعلى رأسهم الحبيب بورقيبة في يوم 18 جانفي، وحشر أهمّ عناصر الحركة في المحتشدات و المنافي .
وابتدأت اغتيالات المواطنين، وانطلقت المظاهرات في كلّ المدن والقرى التونسيّة فجُوبهت بالرّصاص واستشهد مئات المواطنين في هذا الشّهر برأس الجبل وماطر و نابل والحمامات و قليبية و تازركة وسوسة وغيرها ووقعت أحداث الوطن القبليّ القمعية و الفظيعة[11]. وظنّ المقيم العامّ بأنّ بهذا القمع ووضع بورقيبة في الإقامة الجبريّة بطبرقة وحشد المناضلين في المحتشدات سيقضي على الحركة الوطنيّة.
سافر الزّعيم صالح بن يوسف[12] بمعيّة محمّد بدرة إلى باريس في اليوم السّابق من مجيء دي هوت كلوك إلى تونس لطلب إدراج المسألة التونسيّة في جدول الأمم المتحّدة، وسرعان ما تكوّن الدّيوان السياسي الثّاني للحزب الدّستوري الجديد برئاسة الهادي نويرة وعضويّة ممثليّ المنظّمات الوطنيّة، وهُم فرحات حشّاد و نوري البودالي عن الاتّحاد العامّ للصناعة و التّجارة والحبيب المولهي وإبراهيم عبد اللّه عن الاتّحاد العام للفلاحة التونسيّة. وتوّلى فرحات حشّاد القيادة السياسيّة الفعليّة، وبسط القول عن هذا الاجتماع الحبيب المولهي في مذكراته[13].
واعترف الحزب الدّستوري الجديد نفسه بهذه القيادة السياسيّة، فقد جاء في إحصائيّة بالأرقام والصوّر نشرها الحزب بعنوان “سجل الشهداء” وبتقديم الحبيب بورقيبة في المقاومة ورئاسته للحركة الوطنيّة آنذاك ما يلي عن دور فرحات حشّاد: “في جانفي 1952 وعند اعتقال المجاهد الأكبر ورفاقه بقي فرحات حشّاد طليقا حيث لم تستطع السّلطات الفرنسيّة اعتقاله نظرًا لصيغته النقابيّة وما يتمتع به من مكانة ممتازة في الأوساط النقابيّة الدوليّة، وخاصّة أنّه كان مسؤولا في الجامعة العالميّة للنقابات … و قد وجد فرحات نفسه بعد اغتيال قادة الأمّة مسؤولا عن قيادة الثّورة سّرًا و جهرًا ، فإلى جانب عمله في الدّاخل كان يعمل في الخارج يجلب الأنصار للقضيّة الوطنيّة في المحافل النقابيّة في العالم. وأمام هذا الجهاد المستميت الثّوري ضاق ذرع الاستعمار وغلاته من عصابة اليد الحمراء[14] ذرعًا بفرحات فبعثوا له برسائل تهديد ليكف عن نشاطه السيّاسي ولكنّه لم يعبأ بكلّ ذلك، و في يوم الجمعة 05 ديسمبر 1952 اغتيل فرحات العظيم بواسطة اليد الحمراء الأثيمة”[15].
ويقول عبد السلام بن حميدة[16] في الجزء الثّاني من كتابه “الحركة النقابيّة الوطنيّة الشغيلة بتونس 1924-1956” [17]: “إنّه بغياب بورقيبة الذّي كان منفيًا آنذاك كان حشّاد رمز المقاومة ومنشّطها الرّئيسي، لكن السّلطات لا تجرأ على إيقافه مخافة تعقدّ الأمور على المستوى العالميّ”[18].
فكيف يتّم التّخلص منه، فقد جنّ جنون الإقامة العامّة بأعمال حشّاد الوطنّي و بدأت بتهديده علانيّة ظنّا منها أنّه سيخاف ويخون بلاده ، ثّم اعتقادا منها أنّها بالقضاء عليه و فشله يتّم القضاء التّام على الحركة الوطنيّة، وهي تجهل أنّ الشّعب التّونسي بأسره قد انتفض انتفاضة لا رجعة فيها إلاّ بالحصول على رغباته، و أنّ الإعداد للثّورة قد تّم بحنكة و حكمة على أيدي زعماء الحركة الوطنيّة الأفذاذ.
وصرّح حشّاد نفسه بهذا التّهديد، قال في أحد الاجتماعات التّي انعقدت بعد إيقاف بورقيبة و معظم أعضاء الحزب و تكوّن السّياسي الثّاني :”حذرني المقيم العامّ دي هوت كلوك من مغبة دخول الاتّحاد العامّ التونسيّ للشّغل الوطني للمعركة ووعدني أنّه إذا لم يدخل الاتّحاد هذه المعركة فإنّنا لن نمسّ شعر في رأسك”[19]. “ولاحظ فرحات حشّاد في نفس الاجتماع أنّه دستوريّ قلبًا و قالبًا و ذلك بالإضافة إلى أنّه أمين عامّ الاتّحاد العام التونسيّ للشّغل” [20].
ولم يعبأ حشّاد بهذا التّهديد واستمر في نضاله السّياسي داخل الوطن وخارجه مغتنمًا ارتباطاته الوثيقة بالمنظمات النقابيّة العالميّة و بمشاهير العالم في الميدان النّقابي و السّياسي. و من أسباب اِزدياد نقمة المقيم العامّ دي هوت كلوك على حشّاد ورغبته في التّخلص منه نهائيًّا بالاغتيال هو طلب حشّاد باسم الاتّحاد العامّ التونسيّ للشّغل من اللّجنة العالميّة ضدّ القمع إجراء تحقيق عن ظروف اعتقال كثير من المناضلين في المحتشدات والسّجون في كامل البلاد التونسيّة، وظروف إبعاد المواطنين عن مدنهم. وتمّ الطّلب إثر اعتقال الزّعيم بورقيبة وعدد من الزعماء في 18جانفي 1952 و استفحال القمع العسكريّ و الأمني بجهة الوطن القبليّ، و قد انتشرت المحتشدات في البلاد من بنزرت إلى قبلي.
وقد توّلى محمود المسعدي الأمين العام المساعد للاتّحاد في 27 فيفري 1952 وهو آنذاك بباريس تقديم ملّف كامل يحتوي على وثائق دقيقة عن السّجون و المحتشدات التّي أقامتها السّلطات الاستعماريّة بتونس في كامل البلاد التونسيّة و عن أحداث القمع بالوطن القبلي بالتفصيل [21]. وأعلمت اللّجنة العالميّة ضدّ قمع المقيم العامّ بتونس هوت كلوك بالشّكوى التّي تقدّم بها الاتّحاد العامّ التونسيّ للشّغل .
ورد بالرّسالة أنّ المقيم نظّم عددًا لا يحصى من الإضرابات لأهداف سياسيّة ونظم كثيرًا من الاجتماعات ظاهرها نقابيّ و باطنها سياسيّ أفضت إلى مظاهرات وطنيّة عنيفة. وذكر” دي هوت كلوك” في رسالته أنّ فرحات حشّاد الأمين العام للاتّحاد قد أكدّ منذ حين أنّ العمل للخلاص قد حان يومه ووجب المضي إلى النّهاية مهما كانت التضحيّات.
وأعلم المقيم العام اللّجنة الأمميّة ضدّ القمع أنّه قد تّم سحب أعضاء الاتّحاد لا بسبب نشاطهم النّقابي بل بسبب نشاطهم السيّاسي المتمثّل بالتّعدي على الأمن العام والقيام بمظاهرات وحمل السّلاح، وأنّ الشّكوى التّي تقدّم بها الاتّحاد إنّما هي بلسان الحزب الدّستوري الجديد وأنّ المنظّمة النقابيّة تتظاهر بالدّفاع عن الشّغالين بينما هي تقوم بنشاط سياسيّ.
و قال في رسالته: “إنّ الاتّحاد العام التونسيّ للشّغل يقول إنّ عدد المساجين التونسيين 10.000 سجين بينما هم لا يتجاوزون الألف، و قدّم وثائق عن السّجون و المحتشدات الاستعماريّة في رمادة وبن قردان و زعرور و المحمديّة ووعد بإطلاق المساجين عن قريب وإعادة المنفيين إلى أهاليهم.”
وفي يوم 14 نوفمبر 1952 بعث فرحات حشّاد برسالته قبل شهر من اغتياله إلى أمين اللّجنة الأمميّة ضدّ القمع يطلب منه أن يرسل إليه رسالة المقيم العام ووقع تبادل الرّسائل بينهما. وفي يوم 26 نوفمبر 1952 أرسل حشّاد رسالة إلى رئيس اللّجنة يعلمه فيها أنّ محتشدات قد فتحت من جديد برمادة و برج لبوف بالصّحراء التونسيّة، وهي تعجّ بالنقابيين و الوطنيين وفي عزلة تّامة لا تسمح بتقديم إيضاحات عنها. و طلب من اللّجنة إجراء تحقيق عن المحتشدات في البلاد التونسيّة من جانفي 1952 إلى 15 سبتمبر 1952 و عن ظروف المبعدين بجزيرة جربة من 15 سبتمبر إلى 21 نوفمبر 1952، و ظروف الإقامة ببرج لبوف ورمادة وحالات آلاف المحتشدين بالمحمديّة ومئات المسجونين في المعتقلات قبل تسليمهم إلى العدالة العسكريّة .
وبتمادي رفض الإقامة العامّة بتونس لأعضاء اللّجنة إجراء التحقيقات، حثّ حشّاد اللّجنة على ضرورة الحصول على إذن الإقامة العامّة للقدوم إلى تونس والاطلاع على قمع السّلط الاستعماريّة للمناضلين التونسييّن والتحدّث مع المقيم العام في الموضوع . وكانت الرّسالة مؤرّخة بأوّل ديسمبر 1952 طالب فيها أيضا بالتّعجيل للاطلاع على الحالة في البلاد و ما يقع فيها من قمع.
ومن ناحية أخرى كتب حشّاد رسالة إلى الجامعة العالميّة للنقابات الحرّة، أطلق فيها صيحة فزع من الأحداث الدامية بتونس حصيلتها 85 شهيدًا و 500 جريح وأكثر من 800 معتقل في السّجون والمحتشدات يقول في الرّسالة: “إنّها أعمال حرب ضدّ الشّعب التّونسي و الطبقة العاملة بتونس شنتّها القوات العسكريّة الفرنسيّة بتونس خدمة الاستعمار.”
وبيّن في الرّسالة أنّ في يوم 14 جانفي 1952 قدّمت القضيّة التونسيّة أمام منظّمة الأمم المتحدّة لطلب تدخل مجلس الأمن لإيجاد حلّ عادل للقضيّة و طلب حشّاد في رسالته من الجامعة العالميّة للنقابات الحرّة التضامن مع تونس في نضالها ضدّ الاستعمار والتنديد بما يجري من قمع في تونس، و التّدخل لدى الحكومات للتّصويت في الأمم المتحدّة لفائدة القضيّة التونسيّة.
وكان المقيم العام دي هوت كلوك على علم بنشاط فرحات حشّاد السيّاسي، و قد عجز عن ضرب المقاومة التونسيّة رغم كل ما أقامه من محتشدات بتطاوين و رمادة و برج لبوف و مارث وبن قردان (في محتشد جلاّل) وقبلي بالصّحراء و زعرورة (قرب بنزرت) والمحمديّة ببناية قصر الباي ومن سجون مثل السّجن المدني بتونس و السّجن المدني بباردو و السّجن العسكريّ بتونس. فقرر أخيرًا الإذن بالاغتيال وذلك حسب الوثائق المضمنة بالكتاب الأبيض، وكان الهدف هو القضاء النّهائيّ على الحركة الوطنيّة والإجهاز التّام عليها. و لم تجد الحكومة الفرنسيّة حلاّ للمشكلة التونسيّة، لأنّها رفضت جميع الحلول الممكنة وأغمضت عينها عن الواقع، فكان الطغيان بجلّ ألوانه والقتل و التنكيل والتشريد و التخريب وبثّ الرّعب والخوف في النّفوس.
- تشكيل عصابة اليد الحمراء
شكلّ الفرنسيّون عصابة إجراميّة أطلقوا عليها اسم “اليد الحمراء” ومن الأدلّة القاطعة على أنّ الإدارة الفرنسيّة كلّها تحمي مجرمي عصابة “اليد الحمراء” وربّما تكون مشاركة لهم وساهرة على أعمالهم، استحالة القبض على أيّ فرد من أفرادها، ونلاحظ أنّ “اليد الحمراء” تشرع في عملها الإجراميّ كلّما وجدت السّلطات الفرنسيّة صعوبة في طريقها.
وقد كانت لها يد في اغتيال فرحات حشّاد، فلماذا كان لاغتيال فرحات حشّاد أعمق الأثر في اتّجاه القضيّة التونسيّة؟
كان يوم 05 ديسمبر 1952 من أسوأ الأيّام بالنّسبة للتونسييّن، فقد كست الغيوم سماءه و انتشر الرّعب في نفوسهم، و تناقلت الأخبار نبأ وفاته، فقد كانت الجثّة ملقاة على حافة الطّريق، وكان الرّأس مهشّمًا كليًّا، و لم تُعرف شخصيّته إلاّ من الأوراق التّي كانت في جيوبه. و بعد ساعة من الحادثة عُلم أنّ سيّارة فرحات حشّاد وهي من نوع” سيتروين” قد وقع العثور عليها ببلدة رادس على مقربة من تونس وهي تحمل آثار طلقات الرّصاص.
فقد قتلوه و شوهوا جثتّه و هشمّوا رأسه، فقد انتقموا منه وذلك لعلمهم أنّ فرحات حشّاد رمز الكفاح و عنوان الإخلاص. وأصبح عنوان الوحدة بين جميع طبقات الشّعب ومثالا حيًّا لإرادة تونس على تحقيق أهدافها وعزمها على متابعة الجهاد.
إنّ تلك الأعمال التّي قامت بها السّلطات الفرنسيّة تريد تزييف الحقيقة ليذهب دم حشّاد هدرًا، فقد تبيّنت أسباب الجريمة وإن تعددّت تتلخص كلّها في أنّ السّلطات الفرنسيّة اعتبرت فرحات حشّاد سدًّا في وجهها و عائقا في طريقها و لم تجد إلاّ وسيلة وحيدة وهي الاغتيال.
واغتيل حشّاد في حادث لم تُكشف تفاصيله وملابساته إلى يومنا هذا، واكتفت بعض التقارير والدّراسات عن الحديث عن تورّط ما تسّمى بمنظّمة “اليد الحمراء”، وقد أكدّ ابنه نور الدّين حشّاد هذه الرّواية، وبأنّ جريمة اغتيال والده هي جريمة دولة كانت بتدبير من قبل رئيس الحكومة الفرنسيّة وأربعة من وزرائه يوم 15 ماي 1952 ،أيّ قبل أكثر من ستّة أشهر من وقوع عمليّة الاغتيال في ذلك الوقت. وكلّفوا جهاز المخابرات بتنفيذها يوم 05 ديسمبر 1952، فهذه المنظّمة تشكلت لترويع الوطنيّين والصامّدين و الرافضين لسياسة الدّولة الاستعماريّة الفرنسيّة وتصفيتهم. وكلّ ما يخصّ هذه العمليّة المشينة مندرجة في وثائق التحقيق المحفوظة في المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنيّة[22] (المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر حاليا) وكذلك في مؤسسّة الأرشيف الوطنيّ ومركز التوثيق الوطنيّ، أمّا بالنّسبة للمصادر الأرشيفيّة الفرنسيّة فقد نشرت قضيّة اغتيال فرحات حشّاد في جريدة “باريس الشّعبية” الاشتراكية وفي جريدة “الإنسانية” الشيوعيّة ، كذلك نشرت ملابسات الاغتيال في صحفية ” المراقب” التّي كشفت توّرط المقيم العامّ “دي هوت كلوك” في عمليّة الاغتيال وطالبت بمحاكمته وقد تمّ بسبب ذلك.
وصرّح “أنطوان كولونا” رئيس الحزب الاستعماريّ الفرنسيّ بتونس لصحيفة “العالم” في عددها الصّادر بتاريخ 28 جويلية 1954، إثر اغتيال العقيد “دي لابايون” أنّه تلّقى رسالة من العقيد قبل اغتياله بثلاثة أسابيع أيّ في بداية جويلية 1954، تاريخ بداية المفاوضات السّريّة بين” منداس فرنس” والحبيب بورقيبة بصفة غير مباشرة عن طريق النّائب الاشتراكي ” اْلان سافري” و الصّحفي اليساري المناهض للاستعمار “روجي ستيفان” وممثّل الحزب الدّستوري بفرنسا “محمّد المصمودي”. وتفيد الرّسالة “بأنّ الحلّ الوحيد يتمثّل في إرجاع الأمن كليّا و بسرعة بكافّة الوسائل المتاحة و إعلام الرّأي العامّ أنّ فرنسا لن تتفاوض مع القتلة و المتسببين في الشّغب”.
ونشير كذلك إلى شهادة المناضل الاشتراكي “اْلان سافري” التّي ذكر فيها أنّ المقيم العامّ “دي هوت كلوك” كان يعلم بمخطّط اغتيال الشّهيد ولم يمنع ذلك، و بالتّالي كان شريكا في الجريمة وأنّ الذّي اغتال الزّعيم حشّاد هو من عناصر الجندرمة الفرنسيّة، بل أفادنا بأسماء الفرنسييّن الأربعة الذّين لهم دور مباشر في عمليّة الاغتيال وهم “جون لو سيان” و “روفينياك” و “رويزي” و “أويزيرات”، وقد توّفي الأوّل متأثرًّا بجراحه إثر مداهمة مجموعة إرهابيّة محلّ شعبة دستوريّة في بن عروس في مستهلّ سنة 1956 وتمّ تهريب الثّلاثة المتبقين نحو مرسيليا عن طريق بنزرت .(أنطوان ميلير اليد الحمراء، الجناح العسكريّ موناكو، منشورات روشي 1997).
ما يمكن استخلاصه إذن أنّ اغتيال فرحات حشّاد تسبب في شلّ الحركة الوطنيّة وإدخال الاضطراب والفوضى فيها و القضاء على قادتها حتّى تبقى جسدًا بلا رأس، ولم يُشف غليلهم بعد قتل حشّاد، فقد نفوا بعد الحادث بيوم واحد إلى رمادة في صحراء الجنوب التّونسي تسعة من قادة الاتّحاد العام التّونسي للشّغل مثل الأستاذ محمود المسعدي الأمين العام للاتّحاد و غيره من القادة.
- موقف عائلة فرحات حشّاد و الدّعوى القضائية التّي رفعتها عائلته في باريس
انتقد ابن الزّعيم الرّاحل نور الدّين حشّاد وبشّدة من يزالون إلى اليوم يتحدّثون عن تورّط هذه المنظّمة، وأشار إلى أنّ الجريمة نُفذت بمتابعة من قبل سلطات الاستعمار، وهي الجيش والمقيم العام و المصالح المختّصة بالمخابرات، وأنّ الولايات المتحدّة كانت على علم مسبق بالجريمة. ولم يشر إلى توّرط الرّئيس الرّاحل الحبيب بورقيبة في جريمة الاغتيال مثلما تحدّث الكثير عن ذلك، في حين نجد من ينشر وثيقة تاريخيّة بخطّ بورقيبة تؤكّد براءته، و لا نعلم مدى صّحة هذه الوثيقة إلى حدّ الآن. فعلاقة بورقيبة بحشّاد بقيت مغيّبة إلى يومنا هذا، وهي علاقة تحتاج إلى الكثير من البحث.
وقد تحصّل حشّاد الابن على وثائق جديدة سنة2016 من أطراف تونسيّة تلقّوها بدورهم من آبائهم منذ 1957، مضيفا أنّ الجيش الفرنسيّ يمتلك نسخةً من هذه الوثائق التّي تكشف طريقة تنفيذ عمليّة الاغتيال، فقد تمّت هذه العمليّة على السّاعة السّابعة وخمسة عشر دقيقة صباحًا، وتحصّل كلّ واحد منهم على مائة ألف فرنك فرنسيّ ساعتين بعد العمليّة من سفارة فرنسا في تونس.
وقد رفعت عائلة فرحات حشّاد دعوى قضائيّة في باريس ضدّ قاتله وذلك بعد نحو 58 عامّا من عمليّة الاغتيال، وهي دعوى ضدّ ضابط فرنسيّ إثر اعترافه بقتل فرحات حشّاد، وكلّفت عائلة حشّاد محاميين اثنين من فرنسا ومحاميًا من تونس برفع الدّعوى على أنطوان ميلير[23] المتهم بقتل فرحات حشّاد.
ويعدّ حشّاد قيمة تاريخيّة وأحد رموز النّضال التّونسي ضدّ الاستعمار الفرنسيّ إلى جانب الرّئيس التّونسي الرّاحل الحبيب بورقيبة، وقد اكتسب حشّاد شعبيّة كبيرة بعد تأسيسه الاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل. وبرزت قضيّة اغتيال الزّعيم النّقابي التّونسي حشّاد من جديد على سطح الأحداث في تونس في أعقاب بثّ قناة الجزيرة الوثائقيّة في نهاية شهر كانون الأوّل شريطا وثائقيًّا مطوّلا حول ملابسات جريمة اغتياله.
وتضمّن هذا الشّريط الوثائقيّ اعترافات لأحد أعضاء اليد الحمراء الفرنسيّة ويدعى أنطوان ميلير أكدّ فيها أنّه نفذ عمليّة الاغتيال وأنّه ليست لديه مشكلة في ذلك، وإذا طُلب منه تكرارها فلن يتردّد، وقد زاد ذلك في تجدد آلام عائلة حشّاد. وتمتّ الإشارة إلى أنّ منظمة اليد الحمراء هي وحدة خاصّة بالاغتيالات تابعة لأجهزة الاستخبارات الفرنسيّة نشطت في منطقة المغرب العربي و داخل أوروبا ما بين عامي 1952 و 1960 حيث استهدفت رموز الحركات الوطنيّة في تونس و الجزائر و المغرب.
الخاتمــة
لقد كانت سنة 1952 نهاية نضال فرحات حشّاد بعد تحمّله مسؤوليّة الدّفاع عن مصالح الوطن وتخليصه من جبروت الاستعمار. وبذلك أصبح رمز الصّمود ضدّ سياسة القمع و الرّعب، لكنه رحل وأثار برحيله موجة من الغضب في جميع أرجاء العالم و خاصّة دول المغرب العربي ، لذلك فإنّ الإدارة الاستعماريّة وبصفة خاصّة حكومة الجمهوريّة الرّابعة هي الوحيدة المسؤولة عن هذه الجريمة البشعة.
لكن رغم تخلّص الفرنسيين من أيقونة النّضال التّونسي فرحات حشّاد قبل أن يحقق انتصاراته على تلك الحكومة المتسلّطة آنذاك، فقد ظلّ في ذاكرة كلّ التونسيين إلى يومنا هذا مخلدّين أفكاره و مبادئه ونضاله، و تبقى ملابسات اغتياله خفيّة نوعا ما بالرّغم من جهود المؤرخين في بحوثهم و دراساتهم حول هذا الموضوع، وتبقى علاقته بالرئيس الاسبق الحبيب بورقيبة علاقة غامضة ومغيّبة لم تنل حظها من البحث في أدّق تفاصيلها. ولعلّ الوثائق التّي وصلت مؤخرّا إلى عائلة حشّاد تكشف لنا تفاصيل جديدة عن الحادثة والأطراف المشاركة في الجريمة، وما إذا كانت هذه الأيادي الخفيّة تونسيّة أو فرنسيّة أو عمليّة مشتركة بين الطرفين.
ومثلما لم يتراخى حشّاد في الإيفاء بوعوده تجاه وطنه، فنحن نعده بالدّفاع عن مؤسساتنا و مواطنينا ونتصدّى لكلّ الصفقات التّي تُنقص من هيبتنا و تستغلّ ثرواتنا أبشع استغلال والعمل على بناء صورة لائقة بوطننا، سوف نظلّ على درب “فرحات حشّاد” الذّي آمن بقدراته و بقدرات المناضلين وسوف نبقى أوفياء لمبادئه ، سيظلّ صوته يترددّ صداه في كامل أرجاء الوطن الدّاعم لتوق كلّ شعوب العالم للتحرّر و الانعتاق .
وتكمن الرسالة التي أراد حشاد بثها في شعبه ماثلة في هذه الأبيات الشعرية:
وطني،
بين ثناياك لحن من نغم
هواؤك من حنان مثل الأمّ
فيك قلمي كلّه نبض ودم
مثل إعصار و دواره الألم
وطني،
من استعمر أرضك حتّى تغيب عن الوجود
وتنهمر كحبيبات المطر
إننّا لن ننسى و لن نستسلم و لن نترك البلاد
فهذه أرضنا ملكنا،
فيها آمالنا و حاضرنا و مستقبلنا،
ليعلم هؤلاء أننّا سنظلّ شامخين صامدين،
فنحن الألحان و الفرح،
وهم جثامين بلا روح بلا هويّة بلا وطنيّة،
لن نترك الحقيقة تمرّ
نموت أو ننتصر.
المصادر والمراجع والهوامش:
[1] سعيدان عمر ،فرحات حشّاد بطل الكفاح القومي و الاجتماعي ، مطبعة الشلي، سوسة ، ص54 ، دت.
[2] سعيدان عمر ،فرحات حشّاد بطل الكفاح القومي و الاجتماعي، ص 174 ، وكذلك كتاب فرحات حشّاد “أحبّك يا شعب” الفصل الأوّل سنة 1990 .
[3] حميدة عبد السّلام، الحركة النقابيّة الوطنية الشغيلة بتونس 1924-1956 ،ترجمة عن الفرنسية ،دار محمّد علي الحامي،صفاقس،تونس1924 ،ج2 ،ص10.
[4] حميدة عبد السّلام، الحركة النقابيّة الوطنية الشغيلة بتونس 1924-1956 ،ص23.
[5] من خطاب في قصر الجمعيّات الفرنسي 17 مارس1952.
[6] محمّد الحبيب المولهي: (ولد في ربيع 1913) في ولاية جندوبة، هو كاتب و مفكرّ أشهر كتبه ” الوطن والصّمود” الصّادر سنة 1990 .
[7] سعيدان عمر، فرحات حشّاد بطل الكفاح القومي و الاجتماعي،ص184 .
[8] سعيدان عمر، فرحات حشّاد بطل الكفاح القومي و الاجتماعي،ص158 ،أنظر فيه نصّ التقرير .
[9] دي هوت كلوك: المقيم العام الفرنسيّ هو الممثّل للحكومة الفرنسيّة بكلّ من تونس و المغرب خلال فترة الحماية لكلّ منهما.
[10] قرار الحبيب، لتحيا تونس، فصول من نضال الشّعب التونسي، تونس1996 .
[11] صالح بن يوسف : (ولد 11 أكتوبر 1907 و توفيّ 12 أوت 1961 ) و هو أحد أبرز قادة الحركة الوطنيّة التونسيّة.
[12] أنظر بالتفصيل في الكتاب الأبيض المذكور و كتاب من تاريخ الصحافة التونسيّة و الأمن الوطنيّ، تونس 2201، ص134.
[13] منظمة اليد الحمراء: هي عصابة إرهابيّة قامت بتكوينها أجهزة الاستخبارات الفرنسية، نشطت ببلاد المغرب العربي و بأوروبا، لا يعرف بدّقة عناصرها كما لم يقدموا للمحاكمة.
[14] المولهي محمّد الحبيب، الوطن و الصّمود، دار المغرب الإسلاميّ، 1991، ص333.
[15] عبد السّلام بن حميدة: (ولد 19 أوت 1949 و توفيّ 26 أكتوبر 2016 ) هو دكتور وأستاذ في التّاريخ الحديث .
[16] التّرجمة العربيّة الصّادرة عن دار محمّد علي الحامي بصفاقس 1981.
[17] الحرز الاشتراكيّ الدستوريّ، سجل الشّهداء، مطبعة فنون الرّسم و الطباعة، فيه قائمات الشّهداء بتونس من 1881 إلى سنة معركة الجلاء 1961 ، صدر بقول الزّعيم الحبيب بورقيبة، كتاب في148 صفحة، دت.
[18] معتمدا على مقال “لونتا” صدر بمجلّة آفاق، جانفي 1958 ،عنوان المقال جديدة بإفريقيا النقابات.
[19] المولهي محمّد الحبيب، الوطن و الصّمود، دار الغرب الإسلاميّ، 1991 ص151 .
[20] المولهي، محمّد الحبيب، الوطن و الصّمود، دار الغرب الإسلاميّ، 1991 ص152.
[21] المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنيّة : هي مؤسسة بحثيّة تابعة لجامعة منوبة، وتهتّم بالتّاريخ المعاصر للبلاد التّونسية و يوجد مقر المعهد في المركب الجامعي منوبة.
[22] أنطوان ميلير: عضو المنظمة الفرنسيّة السريّة “اليد الحمراء”، و أصدر كتابه عام 1997 بعنوان “اليد الحمراء : الجيش السّري للجمهورية).