بقلم: عبيـر غزواني
في لحظةٍ من حياتي كان الزّمان متوقفًا والمكان محاطًا بالجُدران، لم أكــن أنتظر شيئًا سوى أمل شفاء بدون أمل حقيقي في الشّفاء. ولم يكن اليقــين الحقيقي إلا بمواعيد صلاتي دون أن تنقطع بالذّكر والدّعاء والاعتصام بحبل الله صلاتي…
كنت في عالمٍ أشبه بالتّصوف أحلــّق في فضاء بأجنحة قويّة في أفق رحبٍ، واليوم أجد نفسي في عالم مكبّلة بقيود تمنعني حتّى من التّحرك والتّقدم حيث الجميع يرفسني ويدُوس عليّ بقدمه كي يمرّ ويصعد درجات سلّم .
كان بي شبه شللٍ يمنعُني الوقوف، ولكن كانت الرّوح في فضاءٍ رحب …
كان أنيسي القرآن، واليوم أجد نفسي في رفقة ثرثرات غربان..
كنت لأشهر مرتبطةً بآلة تنفّس شحيحة، ولكنّها كانت رغم ذلك أكرم وأنقى من أوكسيجين ملوّث بنفاقِ الكثيرين وحسدهم وكرههم.
هذه الحياة التي تشوّقت إليها، وهؤلاء النّاس الذين أحببتُ قربهم قد ساء ظنّي بهم…
المثالية الافلاطونية، والمدينة الفاضلة لم تكن إلاّ في مخيّلتي حيث وضعت للجميع قانونًا وتشريعاتٍ حسب مبادئي وحسب لهفتي..
تصوّرت أنّ ما يمنعني من الحياة كبد مريض، ولكن وجدت المرض في القلوب القاسية المحيطة بي. كنت أظنّ أن عيني محرومة من جمال الوُجود، وهي معلقة في السقف لساعاتٍ، ولكن اكتشفتُ أنّها كانت معفيّة من اكتشاف حقيقته.
لم تكن حياتي بالسّوء الذي تصورت…، ولكن علمت أن الله أراد لي بابًا من الحسنات جراء الابتلاء.
هو قــدرٌ اختاره لي …لحكمته…ولحكمٍ لا يعلمها إلاّ هو.
واليوم أنا على يقينٍ من أنه لا توجد حياة أجمل من أخرى،
الإنسان كان ولا زال جهولاً وضعيفًا عندما عُرضت عليه الأمانة … “يا أيّها الإنسان إنّك كادحٌ إلى ربّك كدحًا فمُلاقيه”.
قدرُنا أن نُقاوم، وأسعدَنا من يقاوم ذُنوبه لحسن الخاتمة، وأن يجعل من حياتِه حقلاً يحصده في آخرته.