“الجمود والتجديد في قوّتهما” عنوان الكتاب الذي صدر عن “مؤسسة بيت الحكمة” في تونس، ويتضمّن نصاً غير منشور سابقاً للمنظّر والكاتب التونسي الراحل الطاهر الحداد (1899 – 1935)، الذي يعدّ أحد رموز الإصلاح والتحديث في بلاده في بدايات القرن الماضي.
ولد الطاهر بن علي بن بلقاسم الحداد في تونس العاصمة، تلقى تعليمه في الكتّاب وجامع الزيتونة، ثم التحق بـ “مدرسة الحقوق العليا التونسية” وكان مهتما بالنشاط السياسي والنقابي في إطار انتمائه إلى الحزب الحرّ الدستوري القديم.
خاض معارك وسجالات في وجه الرافضين لأفكاره التي اعتبرت جريئة في تلك المرحلة، ومن أبرزها مؤلفاته في تحرير المرأة ومنها “امرأتنا في الشريعة والمجتمع” (1930)، حيث جرّد بسببه من شهادته العلمية ومنع من حق الزواج وممارسة أبسط حقوق المواطنة ومُنع من العمل.
يشير الأكاديمي والباحث عبد المجيد الشرفي، في تقديمه للكتاب الجديد “تقرأ منذ ما يقرب من قرن كامل فإذا به كأنّه كتب اليوم؛ لأنّ ما ينتجه العبقري، ومنها هذا النص الذي كان مجهولاً وقد عثرنا عليه ضمن الآثار التي خلفها صديقه أحمد الدرعي ومدتنا به ابنته كلثوم المزيو”.
يضيف “تترجم مضامين النص تمسّك الطاهر الحدّاد بفكره التحرري على الرغم من حملات الناطقين باسم الدين وعدائهم لكل فكر يؤمن بالحريات الفرديّة والمساواة”.
من جهته، يعتبر الناشط النقابي والحقوقي أحمد الدرعي (1902 – 1965) أحد المقربين من الحداد، والذين أدركوا مبكراً ضرورة إصلاح التعليم التقليدي، وترك مخطوطات أشرف على تحقيقها محمد أنور بوسنينة صدر منها كتابان: “حياة الطاهر الحدّاد” (1975)، و”دفاعاً عن الحدّاد” (1976)، وما زال الثالث غير منشور وهو بعنوان “الزوايا والمجتمع التّونسي في النصف الأول من القرن العشرين”.
تشبّع أحمد الدرعي بروح التحديث الاجتماعي، والديني وكان من دعاة الاجتهاد وإعمال الفكر لاقتلاع ما رسخ في عقول أهل البلاد من فهم خاطئ لنصوص التراث. فهو ينتمي إلى التيّار الإصلاحي الزّيتوني الذي بشّر به المشايخ محمد السنوسي ومحمد النخلي وعبد العزيز الثّعالبي.
المصـــدر: العربي الجديد