أهمّية العادات والتّقاليد في المجتمع

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 37

بقلم: وهيبة القاسمي

 

تشكّل العادات و التقاليد جزءًا لا يتجزّأ من الهويّة لكل بلد تميّزه بشكل إيجابيّ عن باقي المناطق عبر التنوّع و الثراء الذين نلمسهما في خصوصيّات ذلك البلد. ومما يُؤسف له أنّ هذا المفهوم بقي مقتصرًا لدى العامّة على كلّ ما يتعلّق بأنواع الألبسة التي كان يرتديها أسلافنا وأصناف المأكولات التي كانوا يصنعونها، إضافة إلى مختلف الأدوات التي يستعملونها في المنزل أو الزراعة أو التنقّل.

 

الكثير من الرّوايات تحمل في طيّاتها نوعا من التّناقض بين وصف لصعوبة طرق العيش آنذاك و بين التحسّر على ما كان يتميّز به الأفراد من دماثة الأخلاق و طيب المعاملة و الكرم والجود. و هو ما يفسّر ارتباط المفهوم العامّ للعادات والتّقاليد بالجانبين المادّي و الحسّي معًا.

 

يمكن القول بأنّ الحديث عن عاداتنا و تقاليدنا هو في حقيقة الأمر انعكاس لصورة المجتمع في الماضي البعيد، بكل ما تحتويه من محاكاة للواقع آنذاك. و رغم صعوبة العيش والعمل اليدويّ المضني، ومظاهر الفقر لدى الأغلبية إلاّ أنّنا نجد الكثير من الأفراد في وقتنا الحاضر يتمنّون لو أنهم عاشوا في تلك الأزمنة حيث البساطة التي تميّز نمط العيش، و خاصّة التعامل بين الأفراد. وعلى الرغم من سهولة العيش في وقتنا الحاضر إلّا أنّنا افتقدنا العديد من القيم و المعاملات والأخلاق التي كانت تنبع من أسس عاداتنا الأصيلة.

 

لم تمنع صعوبة العيش في الماضي البعيد أجدادنا من الاهتمام بالعديد من القيم ومن أهمّها قيمة العمل. كانوا يتقنون أيّ عمل يقومون به رغم المشقّة. ورغم كثرة أعمالهم اليدويّة كانوا يستثمرون الوقت بشكل يسمح لهم بإتمام أعمالهم على أتمّ وجه و الاهتمام بشؤونهم الأسريّة، وكذلك الاهتمام بتمتين علاقاتهم فيما بينهم سواء بين الأقرباء أو الجيران أو الأفراد ذوي الصلة من الأماكن المجاورة.

 

كان النّاس يسألون عن أحوال بعضهم البعض عادة، و يعتبرون ذلك من الواجبات. كانوا يسعون إلى تفقّد أحوال الأفراد خاصّة المريض و المحتاج، وذلك رغم صعوبة التواصل وبعد المسافات، ناهيك عن مظاهر الكرم و خاصّة إكرام الضّيف أيّ كان ووقتما كانت زيارته. وهو ما أصبحنا نفتقده بشكل كبير في زماننا الحاضر رغم تقارب المسافات وسهولة العيش و كثرة وسائل التواصل الاجتماعي.

 

إن الاهتمام بعاداتنا و تقاليدنا من شأنه أوّلا: أن يساهم في تجذير هويتّنا وعدم القطع مع الماضي و مع الموروث الثقافي الذي حافظ عليه أجدادنا وشكل صورة مميّزة لكلّ منطقة أو جهة في بلادنا، وثانيًا الإعلاء من شأن العديد من القيم التي كانت تميّز مجتمعنا و الحفاظ على المبادئ التي كانت تجمع أفراد المجتمع وتوطد الصلة بينهم.

يمكنك تقييم هذا المقال.
عدد التقييمات: 37

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Visit Us
Follow Me
Tweet