بقلم : آية كحلاوي
أيتحوّلُ الحُزن إلى حديقة فَرح غنّاء، حين أزيّنها بشذَى رَيحانة فَيحاء؟
أيُمسِي البُكاء طربًا و تشدُو الطّيور مُغنّية على ركح أحلامِي وقصر آمالي؟ أتهدأ الرّيح المدوية و تكفّ العاصفةُ و لو قليلاً لأمرح أنا الآخر و لو قليلا قليلا؟
أجرُّ الخُطى لاعنًا سوء طَالعي ساخطًا ذاك الذي رماني في بئر حالكة. هي كلمات أسراري بلا مسند فيها سِوى صَوت جلاّد، كمن لا صوت له و لا أمل. ينقطعُ حبل الرّجاء هنا بلا حجّة أدبّرها، و لا سيّارة فاخرة أنزع بها رداء الفَقر و البُؤس. أحثّ الخُطى مريرة علقما، أحثّها و لا رَغبة البتّة في مُزاولة حصّة إملاء مؤلمة كلّ حرفٍ مائل فيها تضمّه أناملي الصّغيرة ، و يبدأ عدّ ضربات العقاب هذه واحد، اثنان، ثلاثة .. عشرُون ، ثَلاثون…
كفاك لقد تعبتُ، الآن أنت تعلمتَ الدّرس، المرّة القَادمة ثلاثون جلدةً آآآ أقصد المهمّ سأعلّمك بطريقة أو بأُخرى كي لا ترتكب ذات الخَطأ ثانيةً، وضحكة صَفراء موجعة عن وجه جلاّدي كاشفة، ومدى حَقارة الزّملاء بين شامتٍ ومُنكّس رأسَه لأنّه أيضًا أمال حرفه وخرّ عاجزًا أمام قدرة معلّمه الرّهيبة على العلم و التّعلم.
في معقل تُقبر فيه الأحلام و الأمنيات، يتلاشى الشّغف و لا معنى للحَياة سِوى صوت العَصا لمن عَصى. كالعادة .. بلا رحمة كأنّي خطيئة تتملى، كأنّي روح بلا مأوى، أو كأنّما هم يتعلّمون وأنا مكاني المرعَى. ولا ذنبَ لي غير أنّي كَسرت حَاجز الخوف وأقبلتُ لمَدْرستي، أعرف حرفًا، ألقي نشيدًا، ألعب و أتلهّى، إلى أن قال معلّمي: قف..! مكانكَ المرعى، قالها وأعاد الكرّة، مرّة تلو مرّة، قال لي مكانك يا هذا مع الأغنام تتمطّى، اِحذر و إيّاك، ثم إيّاك أن تُقبل إلى مملكتي ثانية تتلهّى، فلا مكان فيها لعبيد سُمر أو من قرية نائيةٍ مُقفرة .. لا صوت غيري يعلُو، ولا مكانَ لمن تلاعبت بهم يد الأَقْدار…
أحقًّا؟ نظرةٌ فعجبٌ فاستنكار، و لم أجد غير اللّوم قرارًا. .. أضمّ يدي خلفي، غاضبًا ساخطًا كحنظلة الصّغير أومئ بوجهي آسفًا لحال من وُقّر وعُظّم، لحال من عنده الرّؤوس تُحنى للّذي كادَ أن يكون رسولاً .. ذلك أنّ حتمًا بعض الآمالِ مآلُها الزّوال.